في عصر بات فيه الإعلام عملاً لمن لا عمل لهم, حيث امتلأت شاشاتنا بوجوه وأشخاص أقل ما يقال عنهم أنهم لا يملكون أدنى مستوى من أدبيات الكلام وأساليب الظهور والحديث الإعلامي السليم, وأصبح الشكل الخارجي والاصطناع هما العاملين الرئيسيين الذين يؤمنان للشخص بطاقة المرور الخضراء الممنوحة من المحطات ليطل علينا في بيوتنا عبر هذه الشاشة الصغيرة ويؤكد لنا مأساة الوضع الحالي الذي وصلت إليه محطاتنا, ولكن لكي لا يقال أننا سلبيين فإننا نؤكد أنه على النقيض الآخر لا تزال بلادنا تنتج شباباً واعداً طموحاً يسعى إلى رفع مستوى الإعلام أو ليس فقط الإعلام بل يمكننا القول بأنه يسعى ويعمل بكل طاقاته وإمكاناته ليرفع سوية مجتمع كامل, وليرفع أسم بلده في أهم المحافل الدولية والعالمية, وبالتأكيد فإن أبرز مثال من شبابنا الذي ينتمون إلى هذه الشريحة هي الإعلامية السورية رين الميلع معدة ومقدمة برامج في اذاعة سورية الغد، وحاصلة على شهادة غينيس للأرقام القياسية عبر تقديم أطول برنامج تلفزيوني حوراي مباشر لمدة 70 ساعة عبر قناة تلاقي ولها عدد من الاعمال والمبادرات المجتمعية وهي مؤخراً حصلت على تأشيرة دخول لبرنامج “الملكة” عن مبادرتها الإجتماعية التي أطلقت عليها إسم مبادرة “أكشن” لتنمية المهارات المهنية, وللحديث أكثر عن كل ذلك كان للجمهورية مع رين اللقاء التالي..
– سنبدأ الحديث معك بسؤال يدور في أذهان جميع محبي ومتابعي رين الميلع، ما هو سبب دخول رين في مجال الإعلام مع العلم ان دراستك الجامعية بعيدة كل البعد عنه؟
بداية, لا أعتبر الاعلام مجال عمل, هو كيان قائم بحد ذاته, قائم على الشغف, الموهبة والكثير الكثير من الجهد.. بدأت القصة حين اكتشفت قدرتي على الكتابة, وأحببت قلمي على مقاعد الدراسة في حصص التعبير, وهنا كانت البداية التي تلتها خطوات عديدة من دورات تدريبية وورشات عمل واجتهاد شخصي في متابعة ودراسة أسس الاعلام وأفضل طرق الظهور الاعلامي, وما ساعدني هو قلمي, صوتي, وشغفي والتي أعتبرها جميعاً نعم من الله يتوجب علي توظيفها وتطويرها والاهتمام بها.
– هل نستطيع القول أن غينيس تلاقي نقطة تحول في حياة رين الميلع نظراً لأنك كنتِ قد ظهرتي لأول مرة في هذه التجربة ببث حي ومباشر على شاشة التلفاز واستطعتي اثبات نفسك فيها؟
تجربة غينيس كانت وستبقى من أهم محطات حياتي, قدمتني إلى الناس بصورة مختلفة عن كل ما يعرض عبر شاشات التلفزيون في العالم, كانت “رين” في كل حالاتها الجيدة من طاقة ومحبة وموهبة في خوض مختلف مجالات الحوار مع ضيوف متنوعين ابتداءً من السياسة وصولاً للأطفال, وكذلك الحالات السيئة من ارهاق وتعب, غينيس كان جميلاً بكل ما فيه, وتحديداً أنه قدمني كما أنا, لا أعتقد أنه من الممكن لمقدّمة برامج “مصطنعة” ان تقبل وضع مساحيق التجميل وتتناول الطعام على الهواء مباشرة أمام ملايين المشاهدين من حول العالم.. واتمنى أن أكون قد استطعت اثبات نفسي خلال سبعين ساعة من البث المباشر
– ماذا قدمت لك تجربة التدريب الإعلامي ضمن برنامج level up ؟
الكثير الكثير, أكثر مما استطيع أن أصف, في بداية الأمر تعرضت للكثير من الانتقادات لأنني لست قادمة من خلفية أكاديمية ومع ذلك أردت أن أخوض الجربة وكلي ثقة بأني سأقدم ما بوسعي لطلاب هم بأمس الحاجة لمعلومات نابعة عن خبرة لا عن نظريات في كتب تغطيها أمتار من الغبار..
اليوم ونحن نخرج الدفعة السابعة من طلاب ليفل اب, أشعر بالفخر, منحت ما في قلبي وخبرتي المتواضعة مع كثير من المحبة, وهاهي النتيجة على مرأى كل من يريد أن يتفحص.. أنا فخورة قبل كل شيء بأن معظم الطلاب باتوا يرددون جملتي الشهيرة (الإعلام شغف) وها قد بدأ الكثير منهم في ممارسة الاعلام في العديد من المنابر والمؤسسات الاعلامية..
تعلمت من الطلاب أكثر مما علمتهم.. الاعلام هو تراكم خبرات ومعارف, ومن يريد أن يضع علامة فارقة في الاعلام, عليه أن يقتنص كل فرص التعلم من كل الجهات.
– برأيك هل تكفي الخبرة العملية لدى الشخص لتدفعه إلى تقديم دورات تدريبية خاصة بالمجال الذي يعمل به أم أن التدريب يحتاج خلفية علمية تتعلق بالمجال ذاته؟
الخبرة العملية مهمة وتأتي أولا, ولكن الخبرة الأكاديمية مهمة أيضا, وهنا يجب أن أوضح انني خضعت للعديد من الدورات التدريبية الأكاديمية في سورية ولبنان وعلى أيدي أساتذة مختصين وأعلام شهيرة في هذا المجال.. ولدي مكتبة خاصة في منزلي فيها منشورات وكتب ودراسات متخصصة في اعداد وتقديم البرامج وأفضل طرق الظهور الاعلامي والرسائل الاعلامية.
– لننتقل بحديثنا نحو آخر أعمالك ومشاركاتك الاجتماعية وهو برنامج “الملكة”، حدثينا عن البرنامج، ماهي أهدافه والأغراض التي دفعت لظهور مثل هكذا نوع من البرنامج في عالمنا العربي، وماهي الأسباب التي دفعتك أنت شخصيا للمشاركة ؟
برنامج الملكة هو أول فورمات عربية للبحث عن ملكة للمسؤولية الاجتماعية وهو من انتاج الشبكة العربية للبث المشترك بالتعاون مع حملة المرأة العربية..
يهتم البرنامج بتقديم المرأة العربية بصورة مختلفة, كونها باتت جزء لا يتجزأ من المجتمع العربي ولها دور في تنمية المجتمع والنهوض به وخدمة المسؤولية الاجتماعية..
شخصياً تستهويني مبادرات المسؤولية الاجتماعية, وكنت قد نظمت عدد من الفعاليات في هذا المجال لأنني أؤمن أن المجتمع (أو الشعب ان كنا أكثر تحديداً) هم الوحدة الأساسية في البناء والتطور والتقدم واليوم وخاصةً بعد كل الظروف القاسية التي نمر بها في وطننا الحبيب سورية, بات علينا ان نركز الاهتمام بالانسان السوري, اللبنة الاولى في بناء المجتمع السوري.. السوريين اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمن يوليهم اهتماماً ويعيد اليهم حافز العمل, ليس بالامر السهل ما يحدث, وسابقا تمنيت كثيرا أن أستطيع بدأ مشروعي لتنمية المهارات المهنية حتى أتمكن من تعزيز روح العمل عند السوريين الذين اقتربوا من أن يفقدوها نتيجة كل وسائل المساعدة المسيسة التي تقدم عبر جهات دولية ومحلية مختلفة.. لا ينبغي أبدا أن ننتظر عوناً من احد ما دمنا نملك طاقات بشرية يتهافت عليها العالم ليحتضنها.. نحن لسنا متسولين ولا ينقصنا سوى الحافز لنعيش حياة كريمة, بلا مد يد العون لأحد.. طبعاً هذا المشروع بحاجة للتمويل ووجدت فرصة في اشتراكي ببرنامج “الملكة” لأحصل على التمويل اللازم في حال وصلت لعرش المسؤولية الاجتماعية وهذا هو هدفي الحالي الذي اعمل عليه بكل ما أملك من قوة.
– ما الذي يميز مبادرة أكشن لتنمية المهارات المهنية عن غيرها من المبادرات المقدمة في البرنامج ؟
جميع المبادرات المقدمة من كافة المشاركات من الدول العربية هامة, معظمها موجه للمرأة.. بالنسبة للأكشن فقد أردته مشروعاً سوريا لكل السوريين من عمر 12 عاماً..
ما يميز أكشن برأيي هو الشمولية والشريحة الواسعة التي يتبناها, والرؤية التي تكمن في تعزيز روح العمل والبذل وبناء المجتمع انطلاقا من مكان وواجب كل شخص سوري..
نحن اليوم في بلد جريح, يحتاج الكثير الكثير من الطاقات والأيدي العاملة الخبيرة لينهض, نحن في بلد يكاد يخلو أي بيت فيه من شهيد, كان معيلاً لأسرته وترك خلفه عائلة بلا معيل, أكشن سيعتني بكل من يريد حياة كريمة عبر ممارسة عمل أو مهنة, سيخضع كل متدرب إلى فترة تدريبية بعدها سيحصل مجاناً على الادوات اللازمة لعمله وسنعمل على تأمين فرص عمل قدر المستطاع لكل المتدربين.
– شاهدنا مؤخراً دعم كبير لرين من جميع الأوساط السورية فنية رياضية إعلامية وغيرها هل تخافين من الخسارة بعد هذا الكم الكبير من الدعم او لنقل من منافسة زميلاتك السوريات أو العربيات مع العلم ان بعضهم لديه حملات تشجيع أيضاً لا يستهان بها ؟؟
لو كنت أخشى الخسارة لما كنت قد دخلت تحديات سابقة وحالية ولاحقة, لا أؤمن بالخسارة وهذا المفهوم قد ألغيته من حياتي منذ زمن, في كل عمل ربح, في كل تجربة ربح, وفي كل جهد ربح.. أحياناً تكون الخسارة ربح بحد ذاتها .. في أول ظهور لي في الحلقة الاولى من البرنامج كنت قد قلت الجملة التالية:
(برنامج الملكة هو خطوة على طريق رح امشيه بهالحياة, وشو ماكانت النتيجة انا ربحانة, ربحانو محبة الناس, ربحانة خبرة, ربحانة معرفة عبر بقية المشتركات اللي جايين من دول مختلفة بس الربح الأكبر هو وصولي للعرش..)
وعليه فأنا مؤمنة كل الايمان بأنني سأربح, وكما غينيس سيكون هذا البرنامج محطة هامة ونقلة نوعية في حياتي.. وانا متأكدة من انني سأبني “أكشن” يوماً ما على أرض سورية العظيمة, عاجلاً أم آجلاً
– ماذا سيقدم فوزك ببرنامج الملكة لك على الصعيد الشخصي ؟؟
نجمة جديدة في سمائي, ابتسامة جديدة في قلبي.. منبر جديد لتوزيع الايجابة وطاقة العمل, سيتعرف علي الكثيرون من الدول العربية وسأحصد الكثير الكثير من القوة لأستمر. وبالتأكيد لن أخفي أن فوزي بالجائزة المالية سيكون من افضل ما قد يحصل لي على الإطلاق
– بعد هذه الأحداث العربية والعالمية التي اجتاحت حياة رين في الآونة الأخير كغينيس او الملكة على سبيل المثال، هل جاءتك عروض عمل خارج سورية ؟ وهل فكرتِ أو تفكرين في السفر من سورية؟
نعم, تلقيت العديد من العروض والحمدلله أنني أستطعت أن أقاوم حتى اللحظة, لا أفكر في السفر طالما مازلت قادرة على الحياة في سورية (حبال روحي معلقة بالشام) ببساطة..
أتمنى ألا أضطر لأسافر, أتمنى أن يعود كل المسافرون لنستعيد معاً ما كان, ونبني معاً ما سيكون.
– مع زيادة الدور الكبير لوسائل الإعلام وازدياد اهميتها سورياً، عربياً، وعالياً، أنتِ كإعلامية سورية ما هي باعتقادك اهم التحديات التي تواجه الإعلامي السوري اليوم؟
نقص الموارد المادية, نحن في أزمة اقتصادية ونقطة انتهت التحديات, اصرفوا أموالا “في مكانها وبلا سرقات” وشاهدوا أين سيصل الاعلام السوري.
– تعقيباً على سؤالنا السابق، من هم الإعلاميين المفضلين لدى رين في الوسطيين السوري والعربي؟
أتحفظ على الاجابة ..
– متى سنرى رين في مجال الإعلام السياسي ام ان تطلعاتك ستبقى على الأقل في المدى القريب متوجهة نحو الاقتصاد والمجتمع؟
كنت قد بدأت العمل الاعلامي في اذاعة المدينة عبر تحرير وتقديم نشرات الاخبار واعداد التقارير السياسية وانتقلت بعدها في “هنا سورية” إلى السياسة الساخرة, في الوقت الحالي يستطيع الجميع أن يقدم سياسة وليس هناك مكان لتقديم شيء مختلف, انا أنتظر الفرصة المناسبة لأن الأخبار والبرامج السياسية هي الأحب لقلبي, مع تأكيدي على أهمية تجربة كافة المجالات ومن ثم التخصص بمجال محدد.
– ماهو حلم رين الميلع ؟؟
حلم؟ لا أملك حلماً واحداً.. لدي قائمة طويلة جداً من الأحلام, او كما أفضل أن أسميها “أهداف”
الهدف هو ما تضعه نصب عينيك, وتصمم على تنفيذه!
– هل سنراك بالفستان الأبيض قريباً ؟
لا شك أن تأسيس أسرة هو واحد من أهدافي في الحياة, أنا مولعة بالأطفال وربما قد يكون هذا هو السبب الوحيد لاستراحة سريعة.. أما اذا كان قريبا و لا فلنترك هذه الاجابة للفترة المقبلة وعبر صفحتي على الفيسبوك لن أخفي هكذا خبر سعيد ولن أتكتم عنه أبداً.
– ختاماً نتمنى لكِ النجاح في جميع المجالات التي ستخوضينها عامةً والفوز القريب في برنامج الملكة دعماً منا لك ولمقولة “العز سوري، والعرش سوري” والكلمة الإخيرة لكِ لتوجهيها لمحبي رين ولمتابعي صحيفة الجمهورية..
أشكر كل المحبين في الجمهورية وأتمنى لكم جميعاً كل التوفيق في مهمتكم السامية التي بدأتموها منذ أول خبر واول مادة اعلامية, لكم كل تمنياتي بالتألق وشكرا من القلب على المتابعة الاعلامية والدعم والمهنية في طرح الأسئلة التي من الواضح أنها نابعة عن متابعة دقيقة واهتمام كبير بالتفاصيل.
إعداد: فـؤاد الشـــاطر
حـوار: عبد الكريم حميدان