عمر معربوني
بيروت برس
عندما ينفذ الجيش الصهيوني اي اعتداءات عسكرية او اغتيالات فإنه لا يحتاج لمبرر مباشر لتنفيذ هذه الإعتداءات، خصوصًا أنّ الفكر الصهيوني حافلٌ بسجل اجرامي طويل ويضرب في جذوره بعيدًا في التاريخ.
إلّا أننا، وفي سياق جريمة الإغتيال التي طالت الشهيد القائد سمير القنطار ورفيقه فرحان الشعلان، لا بدّ من تحديد الأسباب المباشرة والمرتبطة بالواقع الميداني الحالي للصراع بين المقاومة والكيان الصهيوني، وهي تتلخص بثلاثة أسباب:
– السبب الأول: القضاء على عملية بناء مجموعات المقاومة الوطنية السورية في منطقة الجولان، أو أقله تأخير وإعاقة هذه العملية، وهو ما يعتقد قادة جيش العدو انه سيتأخر ويتأثر بإغتيال الشهيدين، وهو أمر يبدو انه لن يتحقق حيث قطعت عملية بناء البنية الأساسية للمقاومة في الجولان أشواطًا كبيرة إن لجهة عمليات تدريب القادة الميدانيين او عمليات التدريب والتجهيز والتسليح، وهو ما سيبقى يشكل للصهاينة عامل توتر وقلق دائمين خصوصًا أنّ للمقاومة اساليبها وتجربتها في بناء المجموعات السرية والتدرج في شكل وانماط العمليات استنادًا الى خبرات واسعة وكبيرة. وهنا لا بدّ من التأكيد أنّ الشهيد سمير القنطار وغيره من الشهداء تجاوزوا حدود الجغرافيا التي رسمتها اتفاقية سايكس – بيكو لجهة توحيد الإرادات والجبهات، وهو التطور الأبرز في المواجهة الحاصلة في المنطقة.
– السبب الثاني: احداث حالة جدل واسعة في صفوف الشعب السوري الموالي للدولة وفي صفوف جمهور المقاومة، وخلق بلبلة حول الوجود الروسي وجدواه في سوريا في الجانب المرتبط بحماية الأجواء السورية ومنع “إسرائيل” من القيام بأية عمليات في العمق السوري، وهو ما شهدنا الكثيرمن التساؤلات والجدل حوله.
– السبب الثالث: التأثير في هيبة المقاومة وقوة الردع لديها وبناء الصهاينة حساباتهم على انشغال المقاومة في سوريا وعدم قدرتها على الدخول في حرب مع جيش الكيان الصهيوني في المرحلة الحالية.
الكيان الصهيوني عبر مسؤوليه ووسائل اعلامه تابع بدقة خطاب السيد حسن نصرالله الذي جاء باردًا بعض الشيء، إلّا انه كان حاسمًا وحازمًا في توجيه رسائل مقتضبة ومحددة في اكثر من اتجاه واهمها:
1- تحميل الكيان الصهيوني مسؤولية عملية الإغتيال بغض النظر عن التفاصيل التقنية التي واكبت عملية الإغتيال، وهو ما يعني أنّ الرد سيكون مؤكدًا ومؤلمًا وحازمًا بمعزل عما يمكن ان تتجه الأمور اليه، وهو ما يتأكد من خلال قول السيد حسن نصرالله ان مهمة الرد متروكة لقيادة المقاومة وهي التي تحدد الزمان والمكان بحسب الأوضاع والظروف.
2- تأكيد السيد حسن نصرالله على ان عمليات العدو التي تستهدف المقاومة وقادتها، والتي تحصل في كل الأزمنة والأماكن، سيتم الرد عليها في اي مكان وزمان تختاره قيادة المقاومة وبالحجم الذي يردع “إسرائيل” دون الدخول في حرب شاملة، مع الأخذ بعين الإعتبار حصول هذه الحرب من خلال قراءة السيد حسن لفقرة من خطاب سابق في 31/1/2015 بعد اغتيال العدو للشهيد جهاد مغنية ورفاقه والجنرال الايراني محمد علي الله دادي، وهي فقرة واضحة لجهة حق المقاومة بالرد في المكان والزمان الذي تحدده قيادة المقاومة.
اما بخصوص الرد، فبات واضحًا أنّ المسألة ليست إن كان حزب الله سيرد بل متى وكيف سيرد، وهو الأمر الذي يعرفه قادة الكيان الصهيوني جيدًا ويتوقعونه في اية لحظة ابتداءً من لحظة تنفيذهم لاغتيال الشهيد سمير القنطار.
في العام، لا بدّ من التذكير أنّ رفاق سمير القنطار يردون كل يوم في الميدان السوري من حلب الى اقصى الجنوب السوري من خلال المشاركة في محاربة المجموعات الإرهابية المتعاونة مع الكيان الصهيوني واميركا، وتماهي هذه الجماعات مع اهداف اميركا والكيان الصهيوني في احداث الفوضى والدمار الشامل الذي يؤمن لأميركا والكيان الصهيوني مصالحهما في المنطقة، وهو أمر اعتقد انه سيصل في لحظة ما الى دخول “اسرائيل” على خط المواجهة بشكل مباشر نظرًا لتراجع الجماعات الإرهابية وتحقيق الهزيمة فيها، وهو الأمر الذي نراه بشكل واضح في الشمال السوري سواء في ارياف حلب او ريف اللاذقية الشمالي.
اما كيف سيرد حزب الله واين، فهو سؤال سيكون الجواب عليه قريب جدًا، فطالما أنّ قواعد الإشتباك واضحة والإمكانيات موجودة فإن ردًا حاسمًا وموجعًا سيحصل دون الإنجرار الى حرب شاملة، إلّا اذا تدحرجت الردود وتسارعت بين الكيان الصهيوني وحزب الله.
وحزب الله الذي يتواجد في مواجهة الكيان الصهيوني في الجنوب اللبناني وفي الجولان، يمكنه استهداف ضباط وجنود الكيان بعمليات مباشرة عبر الإشتباك مع جنود جيش الاحتلال او استهدافهم بعبوات ناسفة او بصواريخ موجهة مضادة للدروع، وهو رد سيحصل حسب الترجيحات في مزارع شبعا او الجولان السوري ويمكن ان يكون عبر مجموعات انشأها واشرف على اعدادها وتدريبها الشهيدان سمير القنطار وفرحان الشعلان.
الرد قد يكون عبر صواريخ ارض ارض تستهدف مراكز قيادة او انذار مبكر، وربما يكون للطائرات بدون طيار المُبرمجة للوصول الى اهداف محددة ومحملة بالمتفجرات دور في اي رد محتمل.
شواطئ فلسطين المحتلة قد تكون إحدى المنشآت العسكرية المنتشرة عليها هدفًا للمقاومة، وقد تكون المفاجأة بعملية او عمليات موجعة في الداخل الفلسطيني، خصوصًا أنّ لسمير القنطار محبين كُثر وهو ما بدا واضحًا من خلال نعي الكثير من التنظيمات الفلسطينية له ومن خلال فتح مجالس العزاء والتظاهرات العديدة التي حصلت.
بانتظار البيان رقم 2 وموازاةً مع الهدوء الذي ابداه السيد حسن نصرالله في خطابه البارحة، الأكثر قلقًا وتوترًا بالتأكيد هم قادة وشعب وجنود الكيان الصهيوني الذين ينتظرون الرد ولكنهم لا يعرفون متى وكيف واين وما هو حجم ومستوى هذا الرد، وهو بحد ذاته رد يبقي هذا الكيان في حالة توتر تتناقض اصلًا مع احد اهم اهداف قيادة الكيان وهو توفير الأمن والأمان لشعبهم، وهو الذي يتحول يومًا بعد يوم الى حلم بموجب تغير المعادلات التي باتت تحكم المواجهة وهي تتصاعد ايجابًا لمصلحة محور المقاومة وستصل الى خواتيمها يومًا ما لم يعد بعيدًا، بعد ان استطاعت المقاومة في لبنان وفلسطين ان تضع الكيان الصهيوني بين فكي النار من الجنوب والشمال.