لا تزال عودة سورية إلى مقعدها في “الجامعة العربية” محلّ تكهنات وتساؤلات، رغم الإشارات الإيجابية من بعض الدول العربية تحديداً الجزائر والتي يعتبرها مراقبون دعوة رسمية من الرئيس “عبد المجيد تبون” إلى الرئيس “بشار الأسد” تمهد الطريق لعودته إلى المشاركة في القمة العربية القادمة.إلى هنا والأمر واضح، غير أن اللافت حتى الآن عدم تقدم أي دولة عربية واحدة بما فيها الجزائر بطلب رسمي للجامعة العربية يؤكد الرغبة في عودة “دمشق” باستثناء سلسلة من الإشارات ألمحت إلى ذلك، كان أخرها زيارة وزير الخارجية العُماني “بدر بن حمد البوسعيدي” إلى العاصمة السورية “دمشق” على رأس وفد رسمي، ولقاءه كبار المسؤولين في “دمشق”.مصادر سياسية كشفت عمّا يحمله الوزير العماني في جعبته إلى دمشق، والتي تمثلت بجملة من التصريحات قال فيها، إن السلطنة تتطلع إلى عودة اللحمة العربية إلى وضعها الطبيعي وكل مساعينا تصب في هذا المجال، لافتاً إلى أن هناك جهود خيرة تقوم بها دول عربية من أجل لم شمل العرب وتصحيح أخطاء الماضي وتجاوزه.وأكد “البوسعيدي” أن زيارته إلى سورية تهدف إلى تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.في مقابل ذلك، رحبت “دمشق” بزيارة “البوسعيدي” الذي يزورها للمرة الأولى منذ توليه منصبه، واصفةً الزيارة بالـ “مفصلية” حيث أكد وزير الخارجية والمغتربين “فيصل المقداد” خلال لقاءه “البوسعيدي” أن “دمشق” وجدت كل التفهم والسعي لموقف عربي موحد في مواجهة التحديات التي تتعرض لها الدول العربية، وأن سورية في قلب العمل العربي المشترك.الباحث في العلاقات الدولية الدكتور “بشير بدور” اعتبر خلال حديثه لشبكة “شام تايمز” أن زيارة “البوسعيدي” تحمل رسائل إيجابية كثيرة فيما يخص عودة سورية إلى الجامعة ومشاركتها بالقمة العربية القادمة.“بدور” ذهب أبعد من ذلك، حيث رجح أن يكون مكان عقد القمة في دمشق وهو ما اعتبره الخيار الصحيح لاعتراف الدول العربية بما في تلك التي شاركت بالحرب على سورية، بالظلم الذي وقع على دمشق، مضيفاً أن انعقاد القمة في دمشق هو الحالة الطبيعة فيما إذا رغب الحضن العربي بالعودة إلى سورية، وهي ما تضمنته زيارة الوزير العماني في بعض جزئياتها.عودة مع وقف التنفيذيتفق مراقبون على أن مسألة عودة سورية إلى الجامعة العربية قرار لا تملكه الدول العربية وحدها، وأن هناك قوى دولية في مقدمتها الولايات المتحدة تلعب دوراً مهماً في اختيار توقيت العودة لأنها تتعلق بحسابات ما يجري على الساحة السورية.واعتبر المراقبون أن ما جرى من انفتاح عربي على سورية في الفترة الماضية لا علاقة له بالعودة أو عدمها، إلا أنه يوحي بأنها صارت اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى ذلك، لكن القرار الدولي الضمني لم يصدر بعد بانتظار ما سموه “التوافق الدولي” على عودة دمشق.وبحسب مراقبين، إن أهمية عودة سورية إلى حاضنتها العربية تكمن في الشق المعنوي، حيث تنطوي على رسالة مفادها أن من راهنوا على سقوط الرئيس “بشار الأسد” خسروا رهانهم، ومن تصوروا أن ما تسمى “المعارضة” يمكن أن تمسك بزمام الأمور أخفقوا في حساباتهم، وفي النهاية تظل العودة قيمة معنوية من الصعب أن تغير التوازنات العربية المنهكة أصلاً، والتوازنات الدولية المتفق عليها بين القوى العظمى.الباحث “بشير بدور” رأى أن الفرملة الغربية لعودة العلاقات العربية مع سورية تم تفعيلها بشكل أوسع وخاصة مع تبعية بعض الأنظمة العربية لقرارات الإدارة الأميركية، مشيراً إلى أن حتى هذه الإدارة تحتاج لإعادة تدوير الزوايا أو بحاجة لمن ينزلها عن الشجرة التي صعدت عليها وخاصة مع وصولها إلى صفر نتائج بجميع مشاريعها في المنطقة.مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير “حسين هريدي” توقع بأن يكون هناك شبه إجماع عربي على عودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة، ورغم وجود تحفظات لبعض الدول “لم يسمّها” إلا أنها لن تعرقل قرار العودة، وتغير الظروف المحيطة بالمنطقة العربية يدفع لعودتها إلى محيطها العربي لأن قرار تعليق عضويتها كان وليد لحظة سياسية وعكس تقديرات خاطئة بنت قرارها على سقوط سريع للحكومة السورية.من جهته، صرح الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” بأن القمة العربية التي ستحتضنها بلاده في آذار المقبل، يجب أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق، مشيراً إلى أن من المفروض أن تكون سورية حاضرة.قرار “الجامعة العربية” بتجميد عضوية سورية عام 2011 وقف خلفه النظامين القطري والتركي، وبعض الدول التي كانت تسير في ركب ما يسمى بـ “الربيع العربي” واليوم انكشف الوضع وزيف المؤامرات التي كانت تستهدف زعزعة الوضع العربي، وأن سورية كانت ضحية هذه المؤامرات.يشار إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط” كشف عن ثلاث دول ترغب في عودة سورية إلى الجامعة العربية، مؤكداً أن هناك شرطاً لحضور دمشق قمة الجزائر المقبلة.وقال “أبو الغيط”: إن “الجزائر والعراق والأردن لديها رغبة في عودة سورية”، مؤكداً أن سورية قد تعود للجامعة خلال القمة المقبلة في حالة حدوث توافق عربي على مشروع القرار.وكان وزير الخارجية “فيصل المقداد” قال في وقت سابق، إن قرار خروج سورية من الجامعة العربية ليس بإجماع عربي، وهناك ظروف قادت البعض لاتخاذ قرار إخراجها من الجامعة.
