اياد خليف
قد يكون من المبالغة اعتبار الاجتياح الأميركي للعراق تحضيراً للحرب السورية الدائرة حالياً، لكن يمكن على أقل تقدير التوقف عند ظاهرة أن قادة الارهاب في سوريا كانوا من المعتقلين لدى الاميركيين. فهل استغلت الادارة الأميركية غزو العراق وحملة الاعتقالات الكبيرة التي قامت بها بحق “أصحاب الجهاد” هناك أتباع أبو مصعب الزرقاوي وأسامة بن لادن للذهاب بهم في ما بعد الى حربهم المقبلة التي خاضتها بأيدي من خلف الزرقاوي وبن لادن؟ فعلى ما يبدو قادة أكبر التنظيمات الارهابية في سورية والعراق والكثير من العسكريين والقادة الميدانيين كانوا معتقلين في ما سبق في السجون الأميركية أثناء الغزو الأميركي للعراق وبعده. أبو بكر البغدادي المتدرب والمتربي على يدي الزرقاوي والذي كان يعمل تحت أمرة بن لادن أصبح اليوم قائد تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” المعروفة باسم داعش، البغدادي كان محارباً أثناء الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003 وكان اعتقل من قبل الأميركيين قبل أن يفرج عنه لأسباب غير معروفة، يجدر بالذكر بأن البغدادي أسس ما يسمى دولة العراق الاسلامية في العام 2006 قبل أن يجد موطئ قدم له في سورية في العام 2013 ليحول التنظيم من دولة العراق الاسلامية الى الدولة الاسلامية في العراق والشام، فيلعب التنظيم دوراً بارزاً في الحرب السورية وقوة فاعلة بتغيير موازين القوى على الأرض. وكما البغدادي كذلك أبو محمد الجولاني، تتلمذ على يدي الزرقاوي وتبع لبن لادن، اعتقله الأميركيون حيث سجن في سجن بوكا قبل أن يطلق سراحه في عام 2008 حيث أصبح رئيساً لعمليات الدولة الاسلامية في العراق في محافظة الموصل تحت قيادة البغدادي آنذاك. في عام 2012 أعلن الجولاني تشكيل جبهة النصرة مستغلاً التوتر في سورية ليباشر نشاطه الارهابي هناك، وفي تصريح لافت يثير التساؤلات حول مهام هذه التنظيمات الجهادية وآلية عملها كشف الجولاني عبر مقابلة على قناة الجزيرة القطرية عن تلقيه ارشادات من أيمن الظواهري قائد تنظيم القاعدة: “تؤكد أن مهمتنا هي إسقاط النظام السوري وحلفائه مثل حزب الله، ثم التفاهم مع الشركاء لإقامة حكم إسلامي راشد. ولن نستخدم الشام قاعدة لاستهداف أميركا وأوروبا لكي لا نشوش على المعركة الموجودة. أما إيران فسنكتفي بقطع أيديها في المنطقة وإذا لم يكفِ هذا فسننقل المعركة لداخلها”. في المحصلة، تبقى مفارقة غريبة: فاميركا التي تنصب نفسها اليوم رأس حربة في مكافحة الارهاب، كانت تمسك يوماً قادة الارهاب بين يديها في سجونها، والارهاب اليوم ينصب نفسه رأس حربة في محاربة أعداء أميركا في المنطقة.