“أقول للمظلومين في بلاد المنطقة الذين تتطلع أعينهم لتركيا لا تقلقوا تركيا معكم برعايتها ورحمتها”. تلك كانت كلمات أحمد داوود أوغلو الأخيرة، فهل صدق لأول مرة في آخر يوم له كرئيس للوزراء وكأنه يعرف سياسة خليفته الجديد.
اذ كما يبدو، وبعد خمس سنوات من قصف مباشر على الأراضي السورية ودعم لوجيستي للارهبيين، الانعطافة التركية تأخذ مجراها قولاً دون تطور ملحوظ حتى الآن مباشرة على الأرض. كل ذلك أتى بعد تولي بن علي يلدريم رئاسة الحكومة منذ حوالى الشهر. يلدريم المنحدر من عائلة كردية لا يفوت كلمة أو مقابلة من دون التلويح باعادة العلاقات مع دول الجوار متمثلةً بسوريا و العراق.
فتركيا التي بدت في الماضي القريب من الدول الصديقة لسورية، كانت قد توجت قمة علاقاتها مع جارتها بتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية وسياحية: منها الغاء تأشيرة الدخول واتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. حينها ملأت البضائع التركية حلب، التي تم تفكيك معاملها وسرقتها الى تركيا خلال مراحل الأزمة السورية.
الانتكاسة التركية السورية بدأت مع بداية الأزمة السورية في شهر آذار 2011 عندما كان رئيس وزرائها أنذاك أحمد داوود أوغلو يحرض ويشتم ويدعم النزاع المسلح من وراء الكواليس. وأخذ الصراع يتصاعد مع اسقاط الجيش السوري لطائرة تركية دخلت الأجواء السورية بتاريخ 22 حزيران 2012. بعدها بدأت الأحداث تتعاقب وتتسارع، وأصبح الدعم والتسليح والتدخل والتحريض شبه معلن.
العداء التركي لسوريا انسحب عداءً على حلفاء دمشق أيضاً، فتصاعد التوتر التركي الروسي تباعاً حتى بلغ أوجه باسقاط سلاح الجو التركي لمقاتلة سوخوي روسية في ريف اللاذقية.
استقال أوغلو في 22 أيار، انتخب يلدريم خلفاً له… وكما الاستقالة المفاجئة، الخطاب أيضاً تغير بشكل مفاجئ وسريع. في وقت بقي الرئيس رجب طيب اردوغان متربعاً على عرشه، محافظاً على سياسته العدائية لسورية الى أن أتت محاولة الانقلاب الفاشلة التي أثارت الرأي العام في الأيام الماضية، ليأتي اردوغان بعدها فيصرح بأن بلاده ستضع خلافاتها مع دول الجوار وراء ظهرها…
فهل هذا التغيير من مفاعيل الانقلاب أو من مسبباته؟
إياد خليف