شتان بين الرسالة الصوتية والخدع السمعية البصرية لحلف المعتدين الإرهابيين المهزومين. في الرد المباشر وفي الزمن الواقعي وبالصوت الهدار يرفع السوريون قيادة ومقاومة أعلى درجات التحدي أمام العابثين بحلب والمدعين منع اللعب على تحريرها بالحسم القاطع وبصوت قائد الجيش العربي السوري الرئيس بشار الأسد بما يفيد أن ” سقوط حلب ممنوع” مهما كانت التضحيات “الكثيرة” والكبيرة. هذا جوهر الحسم في كلمتين. لعل أهم مؤشرات الحسم الحركية الكبيرة لكل من السيد الرئيس السوري بشار الأسد والسيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وخاصة في موضوع القضاء على الإرهاب الصهيوهابي. ولعل أهم عنصر في معادلة الحسم حرب الإرادات التي يخوضها المجاهدون الوطنيون بتفوق أخلاقي وروحي وسياسي وميداني يستحق أعلى درجات التقدير في كل الساحات. ورغم أن المعارك صلبة جدا وموجعة جدا خاصة في نتائج العمليات الإنتحارية الانهزامية الجبانة، إلا أن المقدرات الرمزية لهذه الأمة العظيمة هي نصف الإنتصار على الجاهلية الجديدة المعدلة جينيا بسموم الصهيوهابية الخبيثة. ولكن المعركة أبعد وأبعد وهنا نريد أن نتحدث من الآن عن باقي المعارك في سوريا وفي الإقليم ونشير في النهاية إلى معركة المستقبل التي تبدأ بتحرير سوريا بل بدأت. من صلاح الدين إلى فلسطين ومن باب المندب إلى باب المغاربة لا معركة فوق معركة التحرير. لا عراق من دون سورية ولا سورية من دون العراق. العراق قبل سورية وسورية قبل العراق. العراق مع سورية وسورية مع العراق. واليمن جبهة أخرى، اليمن قارة لحاله ولن يترك المعركة ولن يترك لحاله لأن اليمن هو الكفة المرجحة. هذا ليس شعرا ولا تقديمات فلسفية كبرى وصغرى وإنما جوهر المعادلة الإقليمية الإستراتيجية. وترجمة ذلك بلغة سيناريو المخطط العدواني الإرهابي الفاشل يوضح أن ما قامت به الحركة الصهيونية تقوم به داعش وفي الحقيقة تقوم به دول العدوان وهو البحث المتواصل عن عاصمة الإرهاب بلا دين ولا قوم ولا حضارة ولا مشروع تحرير ولا حتى بشر. عاصمة دم بلا شعب تظل منصة إطلاق استراتيجي على محور المقاومة بتقسيم العراق أو بتقسيم سورية وإنشاء عاصمتين مختصم عليهما محاطتين بمغتصبات والمغتصبات محاطة بمقتلعين ومهجربن لاجئين وشتات. إن ما قامت به السعودية في العراق منذ الفلوجة-الكرادة إلى اليوم أي إلى صلاح الدين هو نفس ما قامت به تركيا في حلب قبل أن تبدأ معركة منبج لتغلق في وجهها الأبواب وهي تحاول القيام بمثل ذلك في الموصل. وبين هذا وذاك أي بين ما فعلته السعودية في العراق وما فعلته تركيا في سورية بيدين متقاطعتين هنا وهناك أي في سورية والعراق، ما فعلتاه خصوصا منذ حسم التطبيع العلني السعودي والتركي مع إسرائيل ومنذ ما يسمى الهدنة في سوريا واليمن والتي لم تكن إلا لإعادة شحن وتشحيم روبوهاتهم الداعشية، بين هذا وذاك وجهت راياتان خاطءتان أو بالأحرى رايتان اخريان الأولى لتركيا والثانية للسعودية وكأن تركيا تطلق على حزامها وكأن السعودية تطلق على رأس نبينا الأكرم وكأنما السعودية وتركيا تطلقان على أقدام بعضهما البعض. ولكن، كما تقيدت أيادي الأتراك ستتقيد أيادي بني سعود بعدما تستخدم وتعدم كل خياراتها في الأردن التي رفعت فيها راية أخرى أيضا ولن تتحمل لوقت طويل الفشل السعودي والفشل الصهيوني والأميركي وفشل النيتو وفشل قوى المرتزقة العرب المحتشدة على حدودها. وإن ذلك لرهن حرب الحدود على نفس الطريقة التي يخوض بها اليمنيون معركتهم. كأن العراق عندهم روسيا اتحادية مصغرة تحت تهديد النيتو، ولكن العراق سيصمد متحدا وينتصر متحدا. صلاح الدين حي ويقاتل من العراق إلى فلسطين والطائفية لن تجدي نفعا لأنه لا صوت فوق صوت التحرير ما فوق الطائفي. وكأن سورية عندهم بوسنة القرن وصلاح الدين حي في سوريا ويقاتل من دمشق إلى فلسطين. ومن كانت بوصلته فلسطين ورمزه صلاح الدين لن ينفع معه لا إرهاب طائفي ولا إرهاب صهيوني وهما واحد. هنالك معركة واحدة فانتظروها: معركة القدس الكبرى. كل ما يقدمه محور المقاومة بروفة على هذا الطريق وكل ما يقوم به العدوان مناوات فاشلة لا محالة وإن طالت قدر ما طالت.
صلاح الداودي. تونس. شبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية.